الكفر : اثم خاص
كل كافر آثم لكن ليس كل آثم كافر
الإثم ليس بالضرورة كفر:
قال الله (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا ) سورة الانسان
فقوله (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا) قال ابن جرير الطبري:يقول: ولا تطع في معصية الله من مشركي قومك آثما يريد بركوبه معاصيه،
(أو كفورا): يعنى جحودا لنعمه عنده، وآلائه قِبَلَه، فهو يكفر به، ويعبد غيره
(قلت. ويستفاد منه أنّ الإثم ليس بالضرورة كفر ولفظ (أو) يستفاد منه التفريق بين الأمرين والحكمين)
عمومية الاثم وخصوصية الكفر :
قال فخر الدين الرازي : فكل كفور آثم، و ليس كُلُّ آثِمٍ كَفُورًا،
وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّ الْآثِمَ عَامٌّ فِي الْمَعَاصِي كُلِّهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: "وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً [النِّسَاءِ: 48] فَسَمَّى الشِّرْكَ إِثْمًا،
وَقَالَ: وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [الْبَقَرَةِ: 283]
وَقَالَ: وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ [الْأَنْعَامِ: 120]،
وَقَالَ: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ [الْبَقَرَةِ: 219] ،
فَدَلَّتْ هَذِهِ الْآيَاتُ عَلَى أَنَّ هَذَا الإثم شَامِلٌ لِكُلِّ الْمَعَاصِي، وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَنْ عَبَدَ غَيْرَ اللَّهِ فَقَدِ اجْتَمَعَ فِي حَقِّهِ هَذَانِ الْوَصْفَانِ، لِأَنَّهُ لَمَّا عَبَدَ غَيْرَهُ، فَقَدْ عَصَاهُ وَجَحَدَ إِنْعَامَهُ.
(قلت.وقد قال تعالى "إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ" الحجرات
و قال "فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ")البقرة
قلت .والآيات رد على عقيدة الخوارج بتكفير أصحاب الكبائر،و الذين كانوا يسمون أنفسهم أهل الايمان أو جماعة المؤمنين.
المعصية والاثم عند اهل السنة والمعتزلة والخوارج :
وقال الرازي : الْمَعْصِيَةَ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ وَعِنْدَنَا، لَا تُوجِبُ الْكُفْرَ، أَمَّا عِنْدَنَا فَلِأَنَّ صَاحِبَ الْكَبِيرَةِ مُؤْمِنٌ، وَأَمَّا عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ فَلِأَنَّهُ وَإِنْ خَرَجَ عَنِ الْإِيمَانِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْكُفْرِ،
قَالُوا إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَفَّرَ إِبْلِيسَ بِتِلْكَ الْمَعْصِيَةِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَعْصِيَةَ كُفْرٌ،
الْجَوَابُ: إِنْ قُلْنَا إِنَّهُ كَافِرٌ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ فَهَذَا السُّؤَالُ زَائِلٌ،
وَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ كَانَ مُؤْمِنًا، فَنَقُولُ إِنَّهُ إِنَّمَا كَفَرَ لِاسْتِكْبَارِهِ وَاعْتِقَادِهِ كَوْنَهُ مُحِقًّا فِي ذَلِكَ التَّمَرُّدِ وَاسْتِدْلَالِهِ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الكفر هو انكار الأمر والنهي وليس فعلهما :
كفر إبليس هو في قوله (أبَى) أي الانكار والجحود
فتارك الصلاة مثلا قد يكون منه تكاسلا أو تخاذلا وضعفا ويرى أنه مذنب بترك الصلاة ،
وقد يكون الترك للصلاة لأنه يرى عدم وجوبها وانه غير ملزم بها فهو حينئذ مثل ابليس الذي لم يرى وجوب السجود وقال بعد ان سأله الله : لم لم تسجد ، قال لا ينبغي لي ان اسجد ،وأصرّ على المعصية وعدم السجود.
فالآية( إلا أبليس أبى وكان من الكافرين ) في موضع البقرة مجملة، لكنها مفصلة في مواضع اخرى ،
كسورة الحجر قال (فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ . إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ .قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ . قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ)31-34
خلاصة الفرق :
أن آية سورة الانسان، أحد الأدلة على التفريق بين الاثم والكفر .

تعليقات: (0) إضافة تعليق