القائمة الرئيسية

الصفحات

آخر الاخبار

هل الأمل مكروه في الاسلام ؟

الأمل  في الاسلام


طول الأمل وقصر الأمل

 الأمل يعني التفاؤل في الحياة  والرجاء فلماذا اذن ذمّه الله في كتابه حيث قال (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل) سورة الحجر؟
هذا هو موضوعنا في هذا اللقاء والتحقيق في معتى الأمل وذم الشرع في طول الأمل عبر الآيات والأحاديث التبوية وأقوال علماء المسلمين .

تعريف الأمل:

الأمل هو الرجاء،وهو ضد اليأس والقنوط ، قال تعالى ( ومن يقنط من رحمة الله الا القوم الضالون) ..
إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ
والأمل نوعان :
نوع مذموم ، وآخر محمود
المذموم : هو ما خلق في طبيعة الإنسان من حب للدنيا والحرص عليها
وأما المحمود : هو ما اكتسب عن طريق الإيمان بالله، وهو الرجاء في رحمة الله في الدنيا والآخرة
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : الْأَمَل ، رَجَاء مَا تُحِبّهُ النَّفْس مِنْ طُول عُمَر وَزِيَادَة غِنًى ،
وَهُوَ قَرِيب الْمَعْنَى مِنْ التَّمَنِّي
.وَقِيلَ لَا يَنْفَكّ الْإِنْسَان مِنْ أَمَل ، فَإِنْ فَاتَهُ مَا أَمَلَهُ عَوَّلَ عَلَى التَّمَنِّي.
.وَيُقَال الْأَمَل: إِرَادَة الشَّخْص تَحْصِيل شَيْء يُمْكِن حُصُوله فَإِذَا فَاتَهُ تَمَنَّاهُ ..
وَقَالَ اِبْن الْجَوْزِيّ : الْأَمَل ، مَذْمُوم لِلنَّاسِ إِلَّا لِلْعُلَمَاءِ ، فَلَوْلَا أَمَلهمْ لَمَا صَنَّفُوا وَلَا أَلَّفُوا
.وَقَالَ غَيْره: الْأَمَل، مَطْبُوع فِي جَمِيع بَنِي َآدم،
وَفِي الْأَمَل سِرّ لَطِيف ، لِأَنَّهُ لَوْلَا الْأَمَل مَا تَهَنَّى أَحَد بِعَيْشٍ وَلَا طَابَتْ نَفْسه أَنْ يَشْرَع فِي عَمَل مِنْ أَعْمَال الدُّنْيَا ،
وَإِنَّمَا الْمَذْمُوم مِنْهُ الِاسْتِرْسَال فِيهِ وَعَدَم الِاسْتِعْدَاد لِأَمْرِ الْآخِرَة ، فَمَنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يُكَلَّف بِإِزَالَتِهِ

الأمل المذموم

هو طول الأمل في أمر الدنيا غافلا عن الاستعداد للموت
كما قال الله تعالى: "ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل". "سورة الحجر ، قال القرطبي في التفسير : وَيُلْهِهِمُ الأمل ، أي يشغلهم عن الطاعة .
وقال الحسن: "ما أطال عبدٌ الأمل ، إلا أساء العمل "، 
فالأمل يكسل عن العمل ويورث التراخي والتواني ، ويعقب التشاغل والتقاعس ، ويخلد إلى الأرض ويميل إلى الهوى .
وقيل: هو التسويف بالتوبة عما وقع فيه من المعاصي مؤملا طول حياته، وأنه إذا قضى شهوته واستوفى لذته تاب ورجع إلى الله تعالى عن مخالفاته.
وقيل: هو الاسترسال في جمع المال على وجه التفاخر والتكاثر، أو بطريق الحرام.
وقيل : هو ما أثمر قسوة في القلب .
وفي صحيح البخاري : بَاب فِي الْأَمَلِ وَطُولِهِ - عن أبي هريرة قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول :
( لا يَزَالُ قَلْبُ الْكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ فِي حُبِّ الدُّنْيَا وَطُولِ الْأَمَلِ)،
 قال ابن حجر : الْمُرَاد بِالْأَمَلِ هُنَا مَحَبَّة طُول الْعُمْر
وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
(يَكْبَرُ ابْنُ آدَمَ وَيَكْبَرُ مَعَهُ اثْنَانِ :حُبُّ الْمَالِ وَطُولُ الْعُمُرِ).

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي فِي الوَسَطِ مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي فِي الوَسَطِ، وَقَالَ:
( هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ - أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ - وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ، أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الخُطَطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ، فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا  ) .
شرح(الأعراض) الآفات التي تعرض له من مرض وشغل وآخرها الموت. (أخطأه) أي ان لم يصبه هذا المرض او الآفة. (نهشه) أصابه آخر والنهش هو أخذ الشيء بمقدم الأسنان.

النوع الثاني من الأمل( الأمل المحمود)

1- قيل أنه قصر الأمل
قال ابن القيم في مدارج السالكين:
فأما قصر الأمل : فهو العلم بقرب الرحيل، وسرعة انقضاءمدة الحياة،
وهو من أنفع الأمور للقلب.

2- وأمل المريض
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح في آداب عيادة المريض، وَأَنْ يُوَسِّع لِلْمَرِيضِ فِي الْأَمَل .
ومنه قول الله تعالى الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا
وَخَيْرٌ أَمَلاً : أي أفضل أملا من ذي المال والبنين دون عمل صالح
3- والأمل في تحصيل العلم وتعليمه.
وقيل أنه طول الأمل في العمل والطاعة، وتمني الخير كقولك لأن بقيت إلى الحج لأحج،
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم "لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع
" فليس هذا من طول الأمل المذموم؛ لأنه تمني طاعة وعبادة،
ومنه حديث أبي بكرة رضي الله عنه: أن رجلا قال: يا رسول الله أي الناس خير؟
قال: من طال عمره، وحسن عمله،
قال: فأي الناس شر؟
قال: من طال عمره وساء عمله
رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح، والطبراني بإسناد صحيح .
4- وقيل أنه التمتع بمباحات الدنيا،
والاستعداد والادخار للمستقبل بما لا ينسى معه الاستعداد للآخرة،
و لايلزم من التمتع بالدنيا الغفلة عن الآخرة، فلا تعارض بينهما،
ولذا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعاً من شعير . رواه البخاري من حديث عائشة ..
وفي الصحيحين من حديث عمر رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ نفقة سنة"،
مع أنه خير الزاهدين، وأتقاهم لله تعالى..
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية نقلاً عن ابن الجوزي بعد ذكره لهذا الحديث:
"قَالَ وفِيهِ جَوَازُ ادِّخَارِ قوتِ سَنَةٍ، وَلَايُقَالُ هَذَا مِنْ طُولِ الْأَمَلِ؛
لِأَنَّ الْإِعْدَادَ لِلْحَاجَةِ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَعَقْلًا.
5- وأمل المحتاجين
مثل الذي ليس له ولد ، أو أصابه الفقر
فهو يعلم ان الله قادر على كل شيء وأنه يعلم حاجته وأنه هو الكريم الذي لا يبخل على عباده
6-  والتفاؤل من الأمل ،
الذي يبعث على الرضا وفضيلة التبسم ودافعا للبناء وعمل الخير

خلاصة الأمل

شأن الأمل مثل المال في الاسلام ، حيث يحث الاسلام على طلب المال والرزق لأن المال هو قوام الحياة كما ذكر الله عز وجل في كتابه 
لكن الله جعل ووضع حدودا وطرقا لطلب المال والحرص عليه فحرم مثلا الربا وأكل السحت والرشوى واستغلال المناصب والنفوذ ، كما حرم الله أن يلهي طلب المال من تجارة أو صناعة عن اقام الصلاة ،
وبالمثل فإن الله يحذر من نسيان المرء لليوم الآخر فيشغله الأمل عن طاعة ربه وتحصيل العمل الصالح ليوم الحساب والميزان .
  • فيس بوك
  • بنترست
  • تويتر
  • واتس اب
  • لينكد ان
  • بريد
author-img
ابو تامر

عدد المقالات:

شاهد ايضا × +
إظهار التعليقات
  • تعليق عادي
  • تعليق متطور
  • عن طريق المحرر بالاسفل يمكنك اضافة تعليق متطور كتعليق بصورة او فيديو يوتيوب او كود او اقتباس فقط قم بادخال الكود او النص للاقتباس او رابط صورة او فيديو يوتيوب ثم اضغط على الزر بالاسفل للتحويل قم بنسخ النتيجة واستخدمها للتعليق

X
ستحذف المقالات المحفوظة في المفضلة ، إذا تم تنظيف ذاكرة التخزين المؤقت للمتصفح أو إذا دخلت من متصفح آخر أو في وضع التصفح المتخفي