![]() |
| الامام ابو حنيفة |
قصة أبي حنيفة النعمان
من هو أبو حنيفة ؟
قال ابن كثير في كتابه" البداية والنهاية " :
الإمام أبو حنيفة واسمه النعمان بن ثابت التيمي مولاهم الكوفي ، فقيه العراق، وأحد أئمة الإسلام، والسادة الأعلام، وأحد أركان العلماء،
وأحد الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتنوعة، وهو أقدمهم وفاة، لأنه أدرك عصر الصحابة، ورأى أنس بن مالك، قيل وغيره.
شيوخ أبي حنيفة :
روى عن: عطاء بن أبي رباح، وهو أكبر شيخ له، و الشعبي، وجبلة بن سحيم، وعدي بن ثابت وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وعمرو بن دينار، وأبي سفيان طلحة بن نافع، ونافع مولى ابن عمر، وقتادة، وقيس بن مسلم، وعون بن عبد الله بن عتبة، والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، ومحارب بن دثار، وعبد الله بن دينار، والحكم بن عتيبة، وعلقمة بن مرثد، وعلي بن الأقمر، وعبد العزيز بن رفيع، وعطية العوفي،
وحماد بن أبي سليمان - وبه تفقه – وزياد بن علاقة، وسلمة بن كهيل، وعاصم بن كليب، وسماك بن حرب، وعاصم بن بهدلة، وسعيد بن مسروق، وعبد الملك بن عمير، وأبي جعفر الباقر، وابن شهاب الزهري، ومحمد بن المنكدر، وأبي إسحاق السبيعي، ومنصور بن المعتمر، ومسلم البطين، ويزيد بن صهيب الفقير، وأبي الزبير، وأبي حصين الأسدي، وعطاء بن السائب، وناصح المحلمي، وهشام بن عروة، وخلق سواهم.
حتى إنه روى عن: شيبان النحوي - وهو أصغر منه - وعن: مالك بن أنس - وهو كذلك -.
الذين رووا عن أبي حنيفة :
جماعة منهم : ابنه حماد وإبراهيم بن طهمان، وإسحاق بن يوسف الأزرق، وأسد بن عمرو القاضي، والحسن بن زياد اللؤلؤي، وحمزة الزيات، وداود الطائي، وزفر، وعبد الرزاق، وأبو نعيم، ومحمد بن الحسن الشيباني، وهشيم، ووكيع، وأبو يوسف القاضي.
نشأة وحياة أبي حنيفة :
ولد عام 80 وتوفي 150 هـ (699 - 767 م) فتم له من العمر سبعون سنة، وصلي عليه ببغداد ست مرات لكثرة الزحام، وقبره هناك رحمه الله.
قيل: أصله من أبناء فارس. ولد ونشأ بالكوفة.
وكان يبيع الخز ويطلب العلم في صباه، ثم انقطع للتدريس والإفتاء.
نشأ ابو حنيفة في الكوفة وتربى بها وعاش فيها أكثر حياته .
شيخ أبي حنيفة في الفقه: حماد بن أبي سليمان صحبه عشر سنين وقيل ثمانية عشر سنة ثم مات حماد عام 120 هـ وابو حنيفة في الأربعين واخذ مكانه في الفتيا في مسجد الكوفة.
صفات أربعة في الامام أبو حنيفة كما ذكرها الشيخ أبي زهرة في كتابه :
1- كان ثري النفس لم يستول عليه الطمع الذي يفقر النفوس ، ولعل منشأ ذلك أنه نشأ في أسرة ذات يسار فلم يذق ذل الحاجة .
2- وكان عظيم الأمانة شديدا على نفسه في كل ما يتصل بها .
3- وكان سمحا قد وقاه الله شح نفسه .
4- كان بالغ التدين شديد التنسك عظيم العبادة يصوم النهار ويقوم الليل .
حتى كان غريبا بين التجار وحتى شبهه كثيرون في تجارته بأبي بكر الصديق رضي الله عنه .
أبو حنيفة والحكّام :
عاش أبو حنيفة اثنتين وخمسين سنة من حياته في الدولة الأموية ، وثماني عشرة في الدولة العباسية .
والدولتان مختلفتين في السياسة والتدين ورغم ذلك لم يساير واحدة منهما ونال منه الأذى من كلتا الدولتين .
وكان لا يرى لبني أمية حقا أو سلطانا من الشرع أو الدين ولكنه لا يحمل السيف ولا يثور .
موقف أبي حنيفة في مناصرته لخروج محمد بن عبد الله بن حسن على المنصور وقد اجاز مالك هذا الخروج .
وقد كان جعفر الصادق ذا صلة وثيقة بأبي حنيفة والذي كان تلميذا لعبد الله بن حسن أبو محمد النفس الزكية .
من حكايات أبي حنيفة مع الخليفة العباسي المنصور :
التحكيم بينه وبين زوجة المنصور :
قصة أبو حنيفة مع خلاف المنصور مع زوجته " الحرة " ، فقال لها الخليفة : بمن ترضين في الحكومة بيني وبينك ؟
قالت : بأبي حنيفة .
فرضي به وأحضر أبي حنيفة وقال له: يا أبا حنيفة ، الحرة تخاصمني فأنصفني منها .
قال أبو حنيفة : ليتكلم أمير المؤمنين .
قال : يا أبا حنيفة ، كم يحل للرجل ان يتزوج من الناس فيجمع بينهن ؟
قال : أربع .
قال: وكم يحل له من الإماء ؟
قال : ما شاء ليس لهن عدد .
قال: وهل يجوز لأحد ان يقول خلاف ذلك ؟
قال: لا
فقال أبو جعفر: قد سمعت .
فقال أبو حنيفة : إنما أحل الله هذا لأهل العدل فمن لم يعدل أو خاف أن لايعدل فينبغي ألا يجاوز الواحدة ، قال تعالى" فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة "،
فينبغي أن نتأدب بأدب الله ونتعظ بمواعظه ،
فسكت أبو جعفر وطال سكوته ، فقام أبو حنيفة وخرج .
فلما بلغ منزله أرسلت إليه خادما ومعه مال وثياب وجارية وحمار مصري ،فردها ،
وقال للخادم : اقرئها سلامي ، وقل لها ، إنما ناضلت عن ديني وقمت ذلك المقام لله لم أرد بذلك تقربا الى أحد ولا التمست به دنيا ." .
(كتاب أبي زهرة )
الحكاية الثانية :
ذكرها ابن الأثير في كتابه " الكامل في التاريخ " :
" وعزم المنصور على إنفاذ الجيوش إلى الموصل والفتك بأهلها.
فأحضر أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، وقال لهم: إن أهل الموصل شرطوا إلي أنهم لا يخرجون علي، فإن فعلوا حلت دماؤهم وأموالهم، وقد خرجوا.
فسكت أبو حنيفة وتكلم الرجلان وقالا: رعيتك، فإن عفوت فأهل ذلك أنت، وإن عاقبت فبما يستحقون.
فقال لأبي حنيفة: أراك سكت يا شيخ؟
فقال: يا أمير المؤمنين، أباحوك ما لا يملكون، أرأيت لو أن امرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح وملك يمين، أكان يجوز أن توطأ ؟
قال: لا .
وكف عن أهل الموصل وأمر أبا حنيفة وصاحبيه بالعود إلى الكوفة " .
الحكاية الثالثة : رفضه لتولي القضاء :
قَدْ أَرَادَ أَبَا حَنِيفَةَ أَنْ يَتَوَلَّى الْقَضَاءَ وَالْمَظَالِمَ، فَلَمْ يُجِبْ، فَحَلَفَ الْمَنْصُورُ أَنَّهُ لَا يُقْلِعُ عَنْهُ أَوْ يَعْمَلُ لَهُ.
فَأَجَابَهُ إِلَى أَنْ يَنْظُرَ فِي عِمَارَةِ بَغْدَاذَ وَيَعُدَّ اللَّبِنَ وَالْآجُرَّ بِالْقَصَبِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ.
وذكرها ابن كثير حيث قال: وذكر عن الهيثم بْن عدي، أن المنصور عرض على أبي حنيفة القضاء والمظالم فامتنع، فحلف ألا يقلع عنه حتى يعمل .
↚
ورع أبي حنيفة :
رغم نشاة ابو حنيفة في الكوفة وهي وسط الشيعة وائمتهم مثل زيد بن علي ومحمد الباقر وجعفر الصادق وعبد الله بن حسن ،
ففي الانتقاء ل ابن عبد البر :
قال سعيد بن أبي عروبة : قدمت الكوفة فحضرت مجلس أبي حنيفة فذكر يوما عثمان بن عفان فترحم عليه،
فقلت له : وأنت يرحمك الله فما سمعت أحدا في هذا البلد يترحم على عثمان بن عفان غيرك "
وعن أسد بن عمرو: أن أبا حنيفة -رحمه الله- صلى العشاء والصبح بوضوء أربعين سنة.
وروى: بشر بن الوليد، عن القاضي أبي يوسف، قال:
بينما أنا أمشي مع أبي حنيفة، إذ سمعت رجلا يقول لآخر: هذا أبو حنيفة لا ينام الليل.
فقال أبو حنيفة: والله لا يتحدث عني بما لم أفعل، فكان يحيي الليل صلاة، وتضرعا، ودعاء.
وقد روي من وجهين: أن أبا حنيفة قرأ القرآن كله في ركعة.
إبراهيم بن سعيد الجوهري: عن المثنى بن رجاء، قال:
وقال أبو عاصم النبيل: كان أبو حنيفة يسمى الوتد؛ لكثرة صلاته.
وروى: ابن إسحاق السمرقندي، عن القاضي أبي يوسف، قال: كان أبو حنيفة يختم القرآن كل ليلة في ركعة.
يحيى بن عبد الحميد الحماني: عن أبيه: أنه صحب أبا حنيفة ستة أشهر.
قال: فما رأيته صلى الغداة إلا بوضوء عشاء الآخرة، وكان يختم كل ليلة عند السحر.
وعن زيد بن كميت، سمع رجلا يقول لأبي حنيفة: اتق الله.
فانتفض، واصفر، وأطرق، وقال: جزاك الله خيرا، ما أحوج الناس كل وقت إلى من يقول لهم مثل هذا.
ويروى: أن أبا حنيفة ختم القرآن سبعة آلاف مرة.
قال مسعر بن كدام: رأيت أبا حنيفة قرأ القرآن في ركعة.
ابن سماعة: عن محمد بن الحسن، عن القاسم بن معن:
وقد روي من غير وجه: أن الإمام أبا حنيفة ضرب غير مرة على أن يلي القضاء، فلم يجب.
وعن الحسن بن زياد اللؤلؤي، قال: قال أبو حنيفة: إذا ارتشى القاضي، فهو معزول، وإن لم يعزل.
وفي قصة ذكرها ابن حجر في كتابه " الخيرات الحسان " :
أن أبي حنيفة جاءته امراة بثوب من الحرير تبيعه له ، فقال : كم ثمنه ؟
قالت : مائة .
قال : هو خير من مائة ، بكم تقولين ؟
فزادت مائة ، مائة حتى قالت : أربعمائة .
فقال : هو خير من ذلك .
قالت. تهزأ بي .
قال: هاتي رجلا يقومه .
فجاءت برجل فاشتراه بخمسائة .
أبو حنيفة والفكر المستقل :
لا يخضع للعامة أو الخاصة . عميق الفكرة . لايقف على ظاهر العبارة .
وروى نوح الجامع، عن أبي حنيفة، أنه قال:
"ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصحابة، اخترنا، وما كان من غير ذلك، فهم رجال ونحن رجال" .
أبو حنيفة المُناظر الداهية :
يروى ان أبا حنيفة دخل على الضحاك بن قيس أحد الخوارج على الأمويين وهو في مسجد بالكوفة
فقال لأبي حنيفة : تب .
فقال: مم أتوب ؟
قال : من تجويزك الحكمين .
فقال أبو حنيفة : أتقتلني او تناظرني ؟
فقال: بل أناظرك .
قال: فان اختلفنا في شيء مما تناظرنا فيه فمن بيني وبينك ؟
قال: اجعل أنت من شئت .
فقال أبو حنيفة لرجل من أصحاب الضحاك : اقعد فاحكم بيننا فيما نختلف فيه .
ثم قال للضحاك : أترضى بهذا بيني وبينك ؟
قال الضحاك : نعم .
قال أبو حنيفة : فأنت قد جوزت التحكيم .
فانقطع الخارجي .
الرد على من عاب أصل أبي حنيفة :
قلت : ومن التشنيع على أبي حنيفة التحدث على ان أصله فارسي ، فماذا يضيره ويضير علمه وفقه أن كان فارسيا ،
وهل يستطيع عالم أن تكون له الريادة والتبحر في القياس- وهو احد مصادر وأصول الفقه والشريعة الاسلامية- إلا اذا كان واعيا للغة العربية لغة القرآن الكريم ؟
وقد بارك الله له في ولده فكان ابنه حماد بن أبي حنيفة محدثا وأهل ورع وتولى ابن حماد قضاء البصرة .
ثناء الائمة على أبي حنيفة :
وعن محمد بن مزاحم، سمعت عبد الله بن المبارك يقول:
لولا أن الله أعانني بأبي حنيفة وسفيان، كنت كسائر الناس.
وعن محمد بن أيوب بن الضريس: حدثنا أحمد بن الصباح، سمعت الشافعي قال:
قيل لمالك: هل رأيت أبا حنيفة ؟
قال: نعم، رأيت رجلا لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا، لقام بحجته.
وعن أبي معاوية الضرير، قال: حب أبي حنيفة من السّنة.
وروى: حيان بن موسى المروزي، قال:
سئل ابن المبارك: مالك أفقه، أو أبو حنيفة؟
قال: أبو حنيفة.
وقال الخريبي: ما يقع في أبي حنيفة إلا حاسد ، أو جاهل.
وقال يحيى بن سعيد القطان: لا نكذب الله، ما سمعنا أحسن من رأي أبي حنيفة، وقد أخذنا بأكثر أقواله.
وقال علي بن عاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم أهل زمانه، لرجح عليهم.
وقال حفص بن غياث: كلام أبي حنيفة في الفقه، أدق من الشعر، لا يعيبه إلا جاهل.
وروي عن الأعمش: أنه سئل عن مسألة، فقال:
إنما يحسن هذا النعمان بن ثابت الخزاز، وأظنه بورك له في علمه.
وقال جرير: قال لي مغيرة: جالس أبا حنيفة، تفقه، فإن إبراهيم النخعي لو كان حيا، لجالسه.
وقال ابن المبارك: أبو حنيفة أفقه الناس.
وقال عبد الله بن داود الحريبي: ينبغي للناس أن يدعوا في صلاتهم لأبي حنيفة، لحفظه الفقه والسنن عليهم.
وقال سفيان الثوري وابن المبارك: كان أبو حنيفة أفقه أهل الأرض في زمانه.
وقال أبو نعيم: كان صاحب غوص في المسائل.
وقال مكي بن إبراهيم: كان أعلم أهل الأرض.
وروى الخطيب بسنده عن أسد بن عمرو أن أبا حنيفة كان يصلي بالليل ويقرأ القرآن في كل ليلة، ويبكي حتى يرحمه جيرانه.
ومكث أربعين سنة يصلي الصبح بوضوء العشاء، وختم القرآن في الموضع الذي توفي فيه سبعين ألف مرة.
وقال الحافظ الذهبي: الإمامة في الفقه ودقائقه مسلمة إلى هذا الإمام، وهذا أمر لا شك فيه.
وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل .
من الكتب المصنفة في مناقب أبي حنيفة :
- " الخيرات الحسان في مناقب الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان " : ل أحمد بن حجر الهيتمي الشافعي ت 974هـ .
"تبييض الصحيفة في مناقب الامام ابي حنيفة ": للامام السيوطي وهو شافعي (ت 911هـ) .-
-"مناقب الإمام أبي حنيفة " للموفق بْن أَحْمَد بن مُحَمَّد الْمَكِّيّ ( ت568 هـ) .
سمات أبي حنيفة :
وعن حماد بن أبي حنيفة، قال:كان أبي جميلا، تعلوه سمرة، حسن الهيئة، كثير التعطر، هيوبا، لا يتكلم إلا جوابا، ولا يخوض -رحمه الله- فيما لا يعنيه.
وعن النضر بن محمد، قال:
كان أبو حنيفة جميل الوجه، سري الثوب، عطر الريح،
وعن أبي يوسف، قال: كان أبو حنيفة ربعة، من أحسن الناس صورة، وأبلغهم نطقا، وأعذبهم نغمة، وأبينهم عما في نفسه.
وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت رجلا أوقر في مجلسه، ولا أحسن سمتا وحلما من أبي حنيفة.
قال يزيد بن هارون: ما رأيت أحدا أحلم من أبي حنيفة....
وفاة أبي حنيفة :
قال إسحاق بن إبراهيم الزهري: عن بشر بن الوليد، قال:
طلب المنصور أبا حنيفة، فأراده على القضاء، وحلف ليلين، فأبى، وحلف: إني لا أفعل.
فقال الربيع الحاجب: ترى أمير المؤمنين يحلف وأنت تحلف؟
قال: أمير المؤمنين على كفارة يمينه أقدر مني.
فأمر به إلى السجن، فمات فيه ببغداد.
توفي: شهيدا، مسقيا، في سنة خمسين ومائة، وله سبعون سنة، وعليه قبة عظيمة، ومشهد فاخر ببغداد - والله أعلم -.
...
المصادر ( البداية والنهاية لابن كثير /سير أعلام النبلاء للذهبي/ الأعلام للزركلي/ابو حنيفة، للشيخ أبو زهرة/ الخيرات الحسان )

Kommentare: (0) إضافة تعليق